الصفحة الرئيسية
هذه الوثيقة كتبها كورش مدرسي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب. 

ماينبغي تعلمه!

بيان الاجتماع الموسع 15 للجنة المركزية للحزب الحكمتي حول احداث المتعلقة بانتخابات حزيران 2009 في ايران

ترجمة: فارس محمود  

مرة اخرى عبئت الجماهير العريضة في ايران حول انتخابات الجمهورية الاسلامية بامل الانفراج السياسي والثقافي وبامل حياة اقتصادية اقل شقاءاً، والحقت بها الهزيمة مرة اخرى. مرة اخرى، عقدت جماهير ايران امالها على هذا الجناح او ذاك، وانهزمت مرة اخرى. لم تخف وتيرة الضغط الاقتصادي ولم تنفرج الاجواء السياسية والثقافية.

هذه المرة، وتحت تاثير سياسات ودعايات البرجوازية الغربية والنزعة القومية الايرانية الموالية للغرب، نزلت جماهير عريضة مدينية الشوارع حول احد اجنحة النظام (جناح موسوي-كروبي-رفسنجاني). قبلت ان النصر مستحيل خارج النظام، ينبغي تعقب النضال من خلال قناة الصراعات الداخلية للنظام. وعلى النقيض من احتجاجات تموز 1999 التي شنت ضد كلا جناحي النظام، علقت الجماهير الثورية امالها على احد اجنحة النظام. كانت خطوة للوراء مقارنة بتجربة تموز 1999. ولكن ذاقت الهزيمة مرة اخرى.

ظاهراً، ان التجربة كانت مختلفة. وللانصاف، سعت كل التيارات البرجوازية وجميع الانتهازيون السياسيون اقناع الطبقة العاملة بان هذه تجرية اخرى، وان هذه ثورة اخرى ازفت ساعتها. بيد ان هذه المعركة والدروس التي رافقتها هي من جنس المعركة السابقة والدروس السابقة التي كان من المفترض تعلمها. تجربة ليس ثمة اي حاجة لتكرارها من الاساس.

 لماذا اخفق السعي من اجل الحرية وهذا الامل بالعدالة الاقتصادية؟ كيف يمكن اجتياز هذه المرحلة المفرغة؟ كيف يمكن الخلاص من قبضة الجمهورية الاسلامية ونظام عبودية الاجر؟ ان هذه اسئلة ينبغي على كل قوة سياسية جدية  ان ترد عليها. ان تبرير الهزيمة بجواب "شنت الجمهورية الاسلامية قمعاً" ليس جواباً، انه تكرار واقع الامر. ان تيار تصور بان الجمهورية الاسلامية لاتلجأ بكل قواها للقمع والتبليه والاسلحة والدين اما مخادع سياسي او ابله سياسي.

ينغي على الطبقة العاملة في ايران، الشيوعيون والثوريون الذي ينشدون الحرية السياسية، الانعتاق الثقافي والخلاص من قيود الراسمالية واستغلالها وظلمها، ان تقف مرة اخرى عند دروس هذه النظرات وان تضعها امام الجماهير الثورية في ايران. ينبغي ان تقف حائلاً دون تكرار الهزيمة. ينبغي مد يد العون لانهاء مرحلة الخداع والسذاجة.

ماوراء اعمدة الدخان

ان تحديد ماهية وحقيقة القضية الجارية بين اجنحة النظام لم يكن عملا صعباً لو لم يجابه مجتمع ايران بسحاب من دخان خداع ورياء الاعلام والتيارات السياسية، الثقافية والفكرية للبرجوازية. ان ماوراء سحابة ذر الرماد الذي اشاعوه على اجواء مجتمع ايران تكمن مصلحة مباشرة للبرجوازية في اقناع الناس بوصفه ثورة، بوصفه حرية وبوصفه عدالة اقتصادية.

اذ انتصب من جهة صف تشكل من موسوي، كروبي ورفسنجاني وصولا الى اوباما، براون وساركوزي، ومن داريوش همايون (ايديولوجي ومنظر بارز للملكية الموالية للغرب-م)، الملكيون المنضمين الى الثاني من خرداد الى اليساريين البالين الذي غدوا ليبراليين حديثاً، من كنجي (من الحرس الثوري الاسلامي سابقاً-م) وحجريان (منظر الجمهورية الاسلامية-م) الى حزب BBC و CNN ومن الفروع المختلفة لحزب تودة الى القوميين البرجوازيين للحزب الشيوعي العمالي. اجمالا، صف تشكل وامتد من صلاة جمعة رفسنجاني ويوم قدس الجمهورية الاسلامية. ان صلاة الجمعة والحركة الخضراء هذه كانتا موعد ونقطة التقاء كل هذه التيارات. انهم جروا الناس لصناديق الاقتراع وبعدها للشوراع كذلك، ونزل المضحين من هذه الجماهير الشوارع بعيون معصوبة، وقدموهم للناس انفسهم بوصفهم وثيقة حقانية هذه الحركة.

من جانب اخر،  دفع مخادعوا المستضعفين والمخلصون محدودي النظر للفقراء، بموازاة التيارات المماثلة لها في فلسطين ولبنان وفي العالم الاسلامي للشرق صف عريض من الطبقة العاملة، الكادحين، المعدمين المدينية والقروية في ايران،  الى صندوق الاقتراع دفاعا عن احمد نجاد. ولاحقاً، اثناء تنامي احتجاجات المدن، ونظراً للتركيبة والماهية الطبقية لحركة الخضر، ساقوا الطبقة العاملة والكادحين بلامبالاة وحالوا دون ان تستفاد وتوظف الطبقة العاملة باسمها وبقدرتها من الشق بين اجنحة النظام لصالح مصالحها، وان تستحكم صفها وتوعيه وتوحده اكثر.

في خضم كل هذا، غرق صوت الطبقة العاملة، صوت الحقيقة في لجة الدعاية البرجوازية على الصعيد العالمي. لقد ضاع نور المشعل المرشد لشيوعية الطبقة العاملة في ظلمة اعمدة الدخان. لقد تم رفع هذا الصوت وهذا المشعل من قبل عدد محدود من الشيوعيين، من بينهم الحزب الحكمتي.

اليوم، وحيث ازاحت الحقائق اعمدة الدخان البرجوازية عن المجتمع الى حد ما، ومع افتضاح اليوم حماقة الحركة الخضراء، وغدا معه امراً معلوماً ان النضال من اجل التحرر الثقافي والخلاص من الاسلام الساسي والنضال من اجل العدالة الاقتصادية، طبقاً لاستراتيجية الثورة الخضراء والسوداء، لايمكن ان يتم تعقبها عبر السباق من اجل جر اكبر مايمكن من الجماهير الخضر او السود الى صلاة الجمعة والمناسبات الدينية. لقد تبين اليوم اوج الثورية الخضراء، وثورية القادة والاحزاب المشاركين فيها من جهة، ومدى وعمق عدالة التيارات الحثالة المخادعة الفاشية الاسلامية من جهة اخرى. بموازاة هذه الحقيقة المرة، على كل من شارك في تلك الحركات ان يسال نفسه، دع جانباً اسقاط الجمهورية الاسلامية والحرية والمساواة جانباً، لماذا انتهى في صف صلاة الجمعة، يوم القدس والمناسبات الدينية الاخرى؟

الدروس

اذا لم يستخلص الشيوعيون عبر ودروس هذه التجربة بخطوطها العامة، لن يؤدي تبين الحقيقة الى شعور عميق بالياس والاحساس بانطلاء الخديعة على صعيد الجماهير الثورية، ليس هذا وحسب، بل ستتكرر هذه التراجيديا. وعليه، يبنغي التاكيد على الاقل على بعض دروس هذه المرحلة.

1-     حول ماذا كانت القضية؟

الدرس الاول: ينبغي ان يكون واضحاً حول ماذا كانت القضية؟ ليس مايقوله منظموا الحركة او المشاركين فيها عنها، في العالم الحقيقي اية مصالح مادية وحقيقية تقف وراء المجابهات والصراعات، وماهو الامر الذي ترى الحركة المنتفضة فيه انتصارها؟ ان هذه الحركة تعتبر نفسها منتتصرة اذا اصبح رفسنجاني ولي الفقيه او موسوي رئيس الجمهورية. ان اجندة موسوي ورفسنجاني اكثر ملموسية ومعلومة. لقد قال البعض ان موسوي هو ليس موسوي السابق، ولا رفسنجاني هو رفسنجاني السابق. لقد كذبوا. زد على ذلك، لاتتعلق القضية بالعدالة الاقتصادية ولا بالنضال ضد الفساد كذلك. ان احمد نجاد وخامنئي هم المعمارين والمنفذين الاساسيين لتطور الراسمالي في ايران، الخصخصة واغلاق المعامل غير الرابحة. يتمثل برنامجهم باحالة العمال الى جيش البطالة وتنامي ربحية الراسمال. انهم يقولون انهم يقفون ضد اللصوصية، اذا لم يكن استغلال الراسمالي للعامل وربحية الراسمال ذاتها لصوصية في وضح النهار، اذن ماذا يكونا؟ في الحقيقة ان القضية لاتتعلق بالتاكيد باسقاط الجمهورية الاسلامية ايضاً، بل على العكس، كان الصراع  يتعلق بكيفية انقاذها.  

2- العالم طبقات

الدرس الثاني: مجتمع ايران والسياسة في ايران كلاهما طبقتيان. ينبغي رؤية كل شيء في سياق طبقي. ان مجمل الحركة الخضراء والاحزاب المنضوية فيها ترتكن الى اساس الا وهو ان مجتمع ايران مقسم الى صفين: "الجماهير" و"النظام". ومن الواضح ان صف الجماهير يتضمن من العامل المنتفض على عبودية الاجر والمراة والشاب الذين سأموا الوضع الى رفسنجاني وموسوي وورهنورد (زوجة موسوي). من الواضح ان لهذا الصف مصلحة وسياسة وتكتيك واحد. سياسة وتكتيك استمدت من صلاة الجمعة ويوم القدس.

لاتعكس هذه التصنيفات حقيقة مجتمع ايران، بل سياسة ومصلحة الطبقات المالكة التي تطرحها بوصفها مصلحة كل المجتمع وتبيعها على الطبقة العاملة والجماهير الثورية. ان المجتمع الايراني مجتمع طبقي. وان نبض المجتمع ينظمه صلة العمل والراسمال. ان هذا الصراع هو سياسي دوما وان السياسة في المجتمع البرجوازي هي، في المطاف الاخير، بحث حول كيفية تقسيم الربح. ان الفاصل المشترك لجميع الحركات البرجوازية هو ان انتزاع الربحية من الطبقة العاملة ليس امراً جائزاً فحسب، بل انه سبيل حياتها، ولاتختلف فيما يتعلق بمبدأ ربحية الراسمال. اذ تتمثل جميع سياسات البرجوازية، حتى لو كانت في حالة حرب شاملة ايضا، بالحفاظ على هذه الصلة الاساسية، الا وهي ان العامل يعمل ويستلم اجره والراسمال يستثمر راسماله، يدفع الاجور وينال الربح.

ان هذا الحكم يسري على صراع الاجنحة المختلفة للجمهورية الاسلامية كذلك. لاتتعلق القضية بالاسلام، ولا بالعدالة ولا بالحرية. ان القضية تتعلق باي قسم من الطبقات المالكة ينال حصة اكبر من السابق من الربح المنتج من الطبقة العاملة في اوضاع جديدة والافاق الجديدة لتنامي الراسمالية في ايران. وتتعلق القضية باي طرف يصبح صاحب صناعة النفط، السيارات، الاتصالات والفولاذ والحديد: الجماعة المالية الملتفة حول الحرس الثوري ام جماعة رفسنجاني المالية؟ ان البرجوازية لاندحة لها من جمع القوى من الطبقة العاملة والجماهير الثورية ، وتطرح صراعاتها على هيئة "قضايا الجماهير". ان القوى السياسية للطبقات المالكة تتعقب بالضبط الاستراتيجية ذاتها.  

3- الراسمالية في ايران لايمكن ان تكون ديمقراطية

يدَّعون: بالاضافة الى الطبقة العاملة والجماهير الثورية، فان هناك اقسام من البرجوازية وحتى حكومة الجمهورية الاسلامية ينشدون الحرية وديمقراطيين!  يقولون ان الاستبداد ناجم عن الطابع الاسلامي للنظام وتخلفه! ان هذا ايضا جزء من وضع غشاوة اخرى في ايران. ان الاستبداد جزء ذاتي لاي نوع من الراسمالية في ايران. ففي ايران، ليس لدينا راسمالية ديمقراطية، لايمكن ان يكون لنا ذلك. في السوق الراسمالي العالمي، ان مجتمعات مثل ايران بوسعها جلب الرساميل فقط عبر الاستناد الى ربحية عالية. ولايمكن تامين قيمة الربح العالية هذه الا عبر قوة عمل رخيص وطبقة عاملة صامتة. ولايمكن تامين طبقة عاملة ساكتة وخاضعة بدون استبداد. ان جذر الاستبداد السياسي في ايران يكمن في هذه الحقيقة وليس في اسلامية النظام. ولاتضفي اسلامية النظام على هذا الاستبداد سوى سمة التخلف والقمع الثقافي. اذ بوسع انظمة راسمالية اخرى ان ترفع يدها عن الضغط الثقافي ولكنها ليست مستعدة للقبول بالحريات السياسية. ان اي درجة من الحريات السياسية في ايران تفتح الباب فوراً للتنظيم والاحتجاج العمالي، وتعرض ربحية الراسمال للخطر وترمي الراسمالية في ايران في لجة الازمة. ان كل الاقسام المختلفة للراسمال، سواء كان لها عاملين او 10 الاف عامل، لها مصلحة مشتركة في ابقاء قوة العمل رخيصة.  

4- اي نوع من اطاحة النظام نريد؟

بوسع اقسام مختلفة من البرجوازية الايرانية والعالمية ان تكون داعية لاطاحة نظام الجمهورية الاسلامية في مراحل ما. ولكن في الوقت ذاته، تبذل جهدها كي تقف في عملية التغير او اطاحة النظام بوجه اي تحول تقتدر فيه الطبقة العاملة والجماهير الثورية وينظمان انفسهما خارج نطاق سيطرتهم ويعرضان ربحية الراسمال للخطر. ان تعرض ربحية الراسمال للخطر يمثل فوضى وازمة بالنسبة للراسمالية. تبذل البرجوازية قصارى جهدها كي تنتقل السلطة بين النخبة من فوق. ان افضل سبيل لهذا العمل هو قنونة عملية التغيير واسقاط النظام على شكل صراعات اجنحة او ثورات مخملية او خضراء وغيرها.

لاتلبي مثل عملية الاطاحة هذه حاجات الطبقة العاملة والجماهير الثورية، بل على العكس من ذلك تؤدي الى تقوية اقتدار البرجوازية وسلطتها، وفي الحقيقة تنقذ سلطة البرجوازية. ان مصلحة الطبقة العاملة والجماهير الثورية تكمن في الاطاحة الثورية بالجمهورية الاسلامية، وان هذه الاطاحة لا في الشكل، بل في المضمون الثوري. ينبغي ان يكون للطبقة العاملة بلاتفورم وبرنامج اسقاط الجمهورية الاسلامية وتجمع حوله اوسع القوى. ان هذا هو السبيل الوحيد لازاحة الجمهورية الاسلامية صوب اوضاع منشودة للطبقة العاملة والجماهير الكادحة.

 5- ماعدا الربح، كل شيء قابل للمساومة لدى البرجوازية: من هم اصدقاء الشعب؟

تبين التجربة مرى اخرى ان بوسع البرجوازية ، الحركات البرجوازية واحزابها السياسية، ان تبيع كل شيء. لقد دغدغت البرجوازية الموالية للغرب في ايران في المرحلة السابقة قلوب الجماهير بالاسقاط الحتمي للجمهورية الاسلامية بالمساعدة الغيبية الامريكية، وقد تلقت هي، مع امريكا والغرب، الهزيمة على ايدي الجمهورية الاسلامية. لقد قطع دابرها وصودرت راية النزعة القومية المتغطرسة الايرانية (التي تعد بقدرة ايران، اي سلطة البرجوازية الايرانية على المنطقة والحصول على حصة اكبر من الثروة المنتجة من قبل الطبقة العاملة) في هذا الصراع على ايدي احمد نجاد والجمهورية الاسلامية. لقد اصبح واضحا ان الجمهورية الاسلامية واحمد نجاد، على الاقل الان، بوسعهم ان يصونوا مصالح البرجوازية بصورة افضل من رفاقهم الموالين للغرب.

لقد همدت حركة البرجوازية الموالية للغرب الساعية لاسقاط النظام، وفقد بموازة ذلك الغرب والموالين للغرب، املهم وارتضوا بالنضال في اطار وقالب اجنحة النظام. خلع من الحكومة الامريكية الى رضا بهلوي-الملك في انتظار التتويج- ومن الليبراليين الى الحزب الشيوعي العمالي " بدلة الحرب" وشدوا الاربطة ووردات العنق، و"تزحلقت اقدامهم" من مناهضة الجمهورية الاسلامية الى مناهضة احمد نجاد. اذ نقل الجميع، من حزب بي بي سي والملكيين وصولا الى انتهازيي حزب توده (الشعب) والحزب الشيوعي العمالي، مع اوباما وميركل وساركوزي نضالهم الى الوقوف خلف الراية الخضراء للجمهورية الاسلامية. لقد طوقت النزعة القومية الاسلامية ايدي القوميين الموالين للغرب بمعصم اخضر، وسلم القوميون الموالون للغرب راية الغطرسة والاستعلاء الايرانية للاسلاميين. ان البرجوازية الموالية للغرب تصالحت مع نظام الجمهورية الاسلامية.

في عملية الانزلاق السياسي هذه، باعت الطبقات المالكة حق المراة، باعت حق العامل، باعت حق الشباب وباعت الحرية. واثلجوا صدر النساء باعتبار زهراء رهنورد (زوجة موسوي) نموذجاً للمراة الايرانية. شجعوا النساء على مسح مكياجهن للمشاركة في صلاة الجمعة تحت امامة رفسنجاني. القوميون المنظمون في "المسلمين السابقين"* تخلوا شيئاً فشيئاً عن راية "المسلمين السابقين" وغدوا "مسلمين جدد" تحت الامامة السياسية لرفسنجاني وكروبي، ووجهوا النداء للجماهير للالتحاق بصلاة جمعة رفسنجاني.

في هذا التحول، اعلنوا ان حركة الخضر وصلاة الجميع هما مقدمة الحرية السياسية والثورة الاشتراكية. وفي ظل غياب الحضور المقتدر للشيوعيين والطبقة العاملة، سَوَّقوا لقسم كبير من الطبقة العاملة والجماهير الكادحة احمد نجاد واكبر الكتل الراسمالية في ايران بوصفهم مدافعي العدالة الاقتصادية.

لقد كذبوا جميعاً. قاموا جميعاً بالخداع السياسي كي يتمكنوا من الابقاء على البرجوازية باي شكل كان سواء على هيئة احمد نجاد او موسوي في السلطة. لقد كذبوا كي يتمكنوا من اجلاس رئيس وزراء ورئيس جمهورية الابادة الجماعية بحق الثوريين والشيوعيين على كرسي القادة التحررين، من جعل قادة عصابات الحثالة قامعي النساء ومبتكري القاء حامض الاسيد على وجه النساء غير المحجبات على كرسي قائد الحركة التحررية للمراة. لقد كذبوا وسعوا الى اعلاء اكبر كتل راسمالية في ايران واقناع المجتمع على انهم ممثلي الجماهير الكادحة ومنقذيها.

لقد كان امرا مثيراً الطريقة التي قدم السياسيون البرجوازيون المرحلة الاولى من الانتخابات الرئاسية والاحداث التي تلتها. اذ طرحوا اجندة كاذبة للجماهير واقنعوا الجميع تقريباً على ان المرحلة الاولى والثانية من الانتخابات في ايران كانت تتعلق بسعادة الجماهير والتحررين. وان مامثير للانتباه اكثر هو انعطافات الاحزاب والتيارات السياسية والاصطفاف الجديد في الميدان السياسي لايران. اعيد رسم الساحة السياسية لايران مرة اخرى، وعلى الطبقة العاملة والجماهير الكادحة ان لاتغيب عن بالها من هم اصدقائها ومن هم اعدائها في اعقاب الهزة الارضية السياسية هذه.

 6- ان النضال من اجل الحرية ليس مفصولاً عن النضال من اجل المساواة

في هذه التحولات، استعرضت احد الخدع الكلاسيكية للبرجوازية. فمن جهة، ليس للحركة الخضراء اي صلة بـ"العدالة الاقتصادية" وتحسين ظروف عمل وحياة الطبقة العاملة، من ضمان البطالة الى تقليص ساعات العمل، من حضر الطرد من العمل الى حق التنظيم والاضراب، الى حق تحديد الحد الادنى للاجور من قبل الممثلين المباشرين للعمال. لم تتحدث عن هذا، بل انها وقبالة ادعاءات الطرف المقابل، مضت في نزاع مع اقتصاد الصدقة (الاقتصاد الذي تحدث عنه نجاد عبر الحديث عن توزيع اموال النفط على الفقراء-م)، وحتى اليوم ايضا حين تتحدث عن حرية السجناء السياسيين، فان قصدهم هو فعالي الخضر وليس القادة السجناء للطبقة العاملة والشيوعيين. ان خصيصة الحركة الخضراء هي انها لم تكن داعية الحرية السياسية حتى. ان احتجاجها يتمثل بـ"ان احمد نجاد فضح نفسه امام جماهير الغرب" ومن زاوية الغطرسة الاشرافية الفارغة كان احتجاجهم ينصب على "الاصول غير المعروفة" لاحمد نجاد وكونه "قادم من قعر المجتمع"  وانه "ذا هيئة شبيهة بالقرد"، وان نفس ذلك اضاف وقود اكبر الى تيار الاسلام الاسود (تيار احمد نجاد، التيار المعروف باللون الاسود-م) وذلك عبر وضع راسماله على هذا التصوير ،ليعبيء ويحشد اولئك اصحاب "الاصول غير المعروفة" و"القادمين من قعر المجتمع" وعبيد الجوع حوله اويؤجج الانفعالات التي صبت لمصلحته. لقد اعادت الحركة الخضراء لاول مرة في تاريخ ايران تعريف النضال ضد الجمهورية الاسلامية على انه نضال " الفئات العليا من سكنة المدن".

من جهة اخرى، فرض احمد نجاد والاسلام الاسود اللذان يتشدقان بتحسين اوضاع حياة الطبقة العاملة قمة الاستبداد السياسي والقمع الثقافي. لقد وعدا في الحقيقة انهما سيدعما "الفقراء" و"المحرومين" في عملية اعادة هيكلة الراسمالية على حساب الطبقة العاملة والجماهير الكادحة. سعيا الى ان يرتضي منتجوا الثروة في المجتمع صف نائلي الصدقات كي يتمكنوا من احتكار ثروة المجتمع على هيئة ارباح.

لقد رات الطبقة العاملة والجماهير الثورية في ايران مرة اخرى ان النضال من اجل الخلاص الثقافي لايمكن فصله عن النضال من اجل الحريات السياسية، وان النضال من اجل الحرية السياسية لايمكن فصله عن النضال من اجل المساواة، اي الخلاص من قبضة الراسمال. اذا ينشد المرء الحرية، عليه ان يجد مكانه في صف النضال من اجل المساواة، واذا ينشد المرء المساواة والخلاص من الراسمالية، عليه ان يكون في طليعة النضال من اجل الحريات السياسية والثقافية.  

7- امكانيات وقابليات الجمهورية الاسلامية

اثبتت التجربة هذه المرة كذلك ان الجمهورية الاسلامية، سواء من زاوية الاسس الاجتماعية ام من زاوية قدرة الدفاع عن نفسها، لاتمت باي صلة شبه بنظام الشاه. الجمهورية الاسلامية لاتضمحل وتتلاشى مثل نظام الشاه. ان الجمهورية الاسلامية مسلحة بايديولوجيا فاشية، والاهم من ذلك بقوة ايديولوجية مسلحة لحد قمة راسها، وهي على استعداد على تحويل المجتمع الى عراق اخر او لبننته وجره للدمار اذا اقتضت الضرورة. ان هذا الخطر والقدرة على تدمير المجتمع هما جزء مهم من راسمال البرجوازية لاهابة وتخويف الجماهير من السعي للاطاحة الثورية بالنظام، ويمثلا اساس الهزائم المتلاحقة للسياسات البرجوازية امام هذا النظام. اذ "فاجئت" الجمهورية الاسلامية في كل مرحلة معارضيها البرجوازيين، الحقت بهم الهزيمة، وبموازاة ذلك، خلقت انعدام امل للجماهير وياسها التي علقت امالها على هذه المعارضة. وان هذه هي الحلقة المفرغة التي فرضتها البرجوازية على الحركة الساعية لاسقاط الجمهورية الاسلامية، وهي احد الاسباب الرئيسية لبقاء الجمهورية الاسلامية. ان الجمهورية الاسلامية لاتتلاشى، يجب فرض التلاشي عليها. لايصب الاطاحة بالجمهورية الاسلامية في مصلحة الانسانية الا اذا اطيح بها عبر خطة واعية وراية واضحة وقيادة اكثر وضوح. ينبغي تجاوز الافق البرجوازي لاسقاط وتغيير الجمهورية الاسلامية. ينبغي اتخاذ سياسة شيوعية وعمالية. ان القوة الوحيدة التي بوسعها ان تحول دون دفع المجتمع الى الانفلات والدمار التامين على يد عصابات الجمهورية الاسلامية وسائر التيارات السياسية المسلحة هي القدرة المنظمة، المسلحة والجماهيرية للطبقة العاملة والجماهير الثورية. وبغياب هذه القدرة، اما تبقى الجمهورية الاسلامية وتديم عمرها الان او ترمي ايران في اتون عرقنة الاوضاع ولكن بدرجات اكثر كارثية. بوسع الطبقة العاملة وثورية هذه الطبقة فقط ان تجمع القوة والطاقة والافق اللازم لاسقاط الجمهورية الاسلامية. وبخلاف هذه الحالة، لايبقى سوى الارتماء باحضان اجنحة الجمهورية الاسلامية او ينبغي التسليم لتحول الجمهورية الاسلامية.  

8- للانتصار على الجمهورية الاسلامية، ينبغي ان تتحلى بتنظيم وقوة للنصر

ثمة تكتيك اساسي للتيارات البرجوازية للحيلولة دون تنظيم الطبقة العاملة والجماهير الثورية الا وهو الدفع بتصوير انه يمكن اسقاط الجمهورية الاسلامية بدون الحاجة الى منظمة او تنظيم، بدون قيادة وبدون راية واضحة. يكفي ظهور نبي، امام او منقذ عبر التلفزيون او الفضائيات يهدي الجماهير كي تنزل للشارع وتطيح بالنظام! ان هذه الاطروحة اما حماقة مطلقة او خداع كامل. انه تكتيك امرء يبغي ان يجر الجماهير للميدان كي يساوم بهم الجمهورية الاسلامية او الحصول على حصة منها، وليس من اجل الاطاحة بها. انه تكتيك تيار يبغي عبر ثورة مخملية او خضراء او قوس قزحية من فوق ان يجر الجماهير للمساومة والخضوع بدون ان يسمح للطبقة العاملة والجماهير الثورية بالتوحيد والتنظيم. وفقاً لهذا التكتيك، لاتبقى اهمية لراية الاطاحة بالنظام، ليس للاطاحة معنى، وبالتالي، بوسع البرجوازية الايرانية الموالية للغرب ان تنضم الى رفسنجاني وموسوي وانضمام الاخيرين كذلك الى الحركة الداعية لاسقاط النظام وصلاة الجمعة ويوم القدس، وتعريفها بوصفها تكتيكات لاسقاط الجمهورية الاسلامية او خطوات في ذلك السبيل. الاهم من ذلك كله هو ان هذا التكتيك طبقا للتعريف قد لقى الفشل على ايدي الجمهورية الاسلامية. ان الاجواء والبرامج التلفزيونية للوس انجلس ووسائل الاعلام البرجوازية الايرانية الموالية للغرب خلال العقد المنصرم كانت نموذج معبر لهذا التكتيك "الداهية". التكتيك الذي بين في التحولات الاخيرة قمة عجزه وتفاهته. ليس كافياً النزول للشارع، ان الهيجان بدون برنامج ليس رداً. ينبغي ان يكون لك تنظيم، ينبغي ان تكون لك سياسة، كان ينبغي ان تكون موحد. وينبغي ان تقاد وتنتصر كاي حرب حقيقية. سيلحق الهزيمة باي حملة على صف العدو، مهما كانت بطولية، في القرن 21 وعلى عدو ممثل الجمهورية الاسلامية، وفي المطاف الاخير، ستصبح بطولة كل الذين شاركوا في هذه الحرب فقط اداة لعقد الصفقات والمساومات بين الاقسام المختلفة للبرجوازية.

كي تنتصر، ينبغي ان تتمتع بقدرة النصر. لكي تنتصر، يجب ان تعرف معنى الاطاحة الثورية بالنظام واختلافها عن الاشكال الاخرى للاطاحة. لكي تنتصر، ينبغي ان يكون لديك تنظيم وقيادة. لكي تنتصر يجب ان تجر للميدان اكثر القوى اقتداراً في مجتمع ايران، اي الطبقة العاملة. في اللحظة التي يسحب عمال الكهرباء والنفط والغاز اياديهم من العمل، ستتوقف العربات والدراجات النارية لقوات البسيج عن الحركة، وسيكون النظام على اعتاب السقوط. ان امرء يخفي هذه الحقيقة عن انظار المجتمع يعجز عن اسقاط الجمهورية الاسلامية.  

9- شيوعية وطبقة عاملة دون تنظيم هما سلبيين وغير فاعلين وفقاً للتعريف.

اثبتت تجربة الحركات الجماهيرية الواسعة المدينية في ايران وتجربة لزوم الطبقة العاملة للصمت كلاهما في هذه الاحداث ان هذه الحقائق لايمكن تغييرها بقوى مشتتة وضعيفة للشيوعيين والطبقة العاملة. ان شيوعي مجبر، جراء ان لاحول ولاقوة له، على المشاركة في "حركة الجماهير"، في المطاف الاخير لايبقي اثر له، وفي اللوحة الكبيرة يغدو بيدق في الجيش الاخضر. ان النشاط هو نشاط تغيير الواقع، وليس النشاط الجسمي. في المجتمع، الفعالية ظاهرة اجتماعية وليست بطولة فردية. الشيوعي المنعزل، الشيوعي بدون تنظيم والشيوعي الذي ليس بوسعه الظهور بابعاد اجتماعية في الميدان هو سلبي رغم كل البطولات التي يبديها، ولايبقى له سبيل سوى ان يكون ذيل وملحق للاوضاع. اذ لايمكن تحديد تكتيك ولاسبيل بالنسبة لشيوعي منعزل. ان الشيوعية طبقاً للتعريف سبيل وتكتيك لفعالية اجتماعية وليست فردية. لم يكن يتحلى الشيوعيين في هذه التحولات بتنظيم لازم. واؤلئك الذين لديهم تنظيم، فان هذا التنظيم لايتمتع بقدرة الرد على حاجات بابعاد اجتماعية. لم يكن يتحلون بالقدرة اللازمة للرد على الدعاية البرجوازية الضخمة من CNN الى BBC ومجمل وسائل الاعلام الغربية. اليسار القومي لم يتم فضحه بشكل كاف، والشيوعية لم تكن موحدة ومنظمة بشكل كاف. ان الحقيقة ذاتها تصح على الطبقة العاملة بالضبط. لايتمتع العمال المبعثرين باي قدرة حتى لو شاركوا في التحولات الاجتماعية، وبغض النظر عن رغبتهم، يتحولون الى بيدق في هذه الحركة. ان اقتدار الطبقة العاملة في الانتاج وليس في قدرتها العضلية، "رجوليتها" او كثرتها. ان امرء ينشد تنظيم ثورة بدون تنظيم واتحاد الطبقة العاملة، فان ثورته لاتحتاج الى هذا التنظيم والاتحاد، وانها لن تكون اكثر من ثورة خضراء او مخملية وعلى اية حال معادية للحرية والطبقة العاملة.

  10- ينبغي الانضمام للحزب الحكمتي

ان الشيوعية في هذه المرحلة قد بينت عن نفسها اكثر من اي شيء اخر في الحزب الحكمتي. ان الحقائق والدروس اعلاها قد وضعها الحزب الحكمتي طيلة السنوات المنصرمة بصورة منظمة امام المجتمع. ليس ثمة درس من هذه الدروس اعلاه لم يألوا الحزب الحكمتي جهداً طوال السنوات المنصرمة لاقناع الاخرين بها. لم يكن كل تاريخ هذا الحزب سوى تاريخ السعي للحيلولة دون تكرار التجربة، السعي لجر الطبقة وتقوية الطبقة العاملة واسقاط الجمهورية الاسلامية. ان كل امرء يرى الدروس اعلاه صحيحة ويعتبرها دروسه عليه ان يسال لماذا ليس عضواً في الحزب الحكمتي؟ لوكان الحزب الحكمتي اقوى من هذا، فان هذه التجربة لاتتكرر. لم يفت القطار بعد. تدعو اللجنة المركزية جميع الشيوعيين وقادة وفعالي الطبقة العاملة الى الانضمام للحزب. قد يكون اهم درس في هذه التجربة هو: بغض النظر عن كون الحزب جيدا او سيئاً، فانه نقطة الامل الوحيدة.  

الاجتماع الموسع للجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي-الحكمتي

ايلول-سبتمبر 2009


  المسلمين السابقين، هي حملة شكلها الحزب الشيوعي العمالي الايراني بقيادته الجديدة واولاها اهتماما خاصا في نشاطه السياسي، وهو طرح يميني، مفاده ان كوادر وقيادة هذا الحزب هم "مسلمين" سابقين تخلوا عن "اسلام"هم! تكريساً للمقولات الرجعية في المجتمع التي تصنف البشر بناءا على الهويات الرجعية الدينية والقومية غير الهوية الانسانية. (المترجم)